الثلاثاء، 1 ديسمبر 2015

فن الزخرفة و العمارة

 من الفن المهندس - الزخرفة و العمارة
لم تكن الهندسة المعمارية مجرد حرفة أتقنها المهندس محمد أسعد كامل الحسيني ليرتقي بها إلى عالم المقاولات والتطوير العقاري، بل كانت فنا وربما عشقا ارتوى من كأس مدينته حلب السورية، التي كانت بالنسبة إليه متحفا كبيرا ومفتوحا على الحضارات التي مرت من هنا، تاركة آثارا معمارية لا تمحى في كل جانب من جوانب المدينة.
فمن حلب مرت الحضارة الرومانية وخلفت وراءها فلسفتها المعمارية المتميزة بالروعة والإبداع، ومن بعدها جاءت الحضارة الإسلامية لتبدع في فن العمارة الإسلامية من مساجد وقلاع وقصور تفنن المعماريون المسلمون في زخرفتها وإتقان عمرانها، وتميز فن العمارة الإسلامي بتنوع طرزه من العمارة الأموية إلى العمارة العباسية، فالمملوكية، انتهاء بالعثمانية، ولكل عهد لمسته الجمالية والإبداعية التي تميزه عن الآخر.
هذا الجمال المعماري الذي أحاط بمحمد أسعد منذ نعومة أظافره من قلاع ومساجد وأسواق عابقة بالأطايب شجعه للالتحاق بجامعة حلب أين درس لدى أساتذة فرنسيين وبولونيين وعرب كانوا يؤكدون على التراث المعماري الذي تزخر به مدينة حلب وضرورة الاستفادة من الجذور الحضارية المتوفرة في بلاد الشام، وقبل أن يدرس محمد أسعد الفن المعماري لكل حضارة ركز على فهم فلسفتها في الحياة ونمط المعيشة التي كان يميز أهلها، فعندما تدرس العمارة الرومانية تدرس معها حضارتها وكيف كان الناس يعيشون في ذلك العصر، وعندما تدرس العمارة الإسلامية متعددة الطرز تحس بأنك تعيش في عمق الفلسفة الإسلامية.
الجمال المعماري
فالهندسة المعمارية وإن كان البعض يعتقد بأنها مجرد نقش على حجارة صماء، فإن الحسيني ينظر إليها على أنها فن وذوق تسكنه روح الجمال والإبداع، يكفي أن نستشعر هذا الجمال حتى نبني عمارة تخلد أسماءنا لآلاف السنين وتحكي للأجيال التي بعدنا قصة مجدنا وشموخ حضارتنا.
ومن هذا الكتاب المفتوح نهل الحسيني من فن الهندسة إلى حد التشبع، ثم حمل هذا الإرث إلى دول الخليج أين توفرت لديه الأدوات لتنفيذ هذه الأفكار بسبب الإمكانات المالية المعتبرة، والتي أتاحت له تجسيد ما تعلمه في الجامعة على أرض الواقع.
عمل محمد أسعد في البداية في مكاتب استشارية بمدينة جدة في المملكة السعودية ثم اشتغل مع شركات مقاولات أبرزها شركة “بيل كندا” ومن خلالها فجر طاقاته الإبداعية في الفن المعماري، حيث أنجزت هذه الشركة عدة مباني تضم مكاتب ومحطات إدارية لصالح شركة الاتصالات السعودية ووزارة البريد والبرق في المدينة المنورة وفي مدينة بدر ومدينة جدة، ويقول محمد أسعد عن هذه التجربة “نفذنا مشاريع بطريقة رائعة جدا لأننا أخذنا الصح فلم نتعثر واستعملنا قمة المواصفات التقنية في هذه المشاريع”.

وعمل الحسيني في هذه المرحلة مع هيئات عالمية في قطاع المقاولات ضمن أطر منظمة صقلت تجربته التي كان ينقصها الميدان، وطبق في السعودية مختلف الطرز المعمارية التي تعلمها من الفن المعماري اليوناني والروماني الذي بدأ من الكرونسيان والأيونيك والتوسكاني إلى الطرز الإسلامية الأموية والعباسية والعثمانية،
غير أن هذه الطرز كانت لا تصلح سوى للقصور والفلل الفارهة والبيوت الفخمة، وهو ما يناسب أمراء وأثرياء الخليج، الذين استفادوا من قصور ومنازل فخمة تزاوج بين العمارة القديمة والحديثة، فهناك من يحب الطراز الإسلامي فينفذ له الطراز العثماني والمملوكي الذي أبدع فيه الحسيني، كما أنجز رفقة فريق عمله الكثير من الطرز الرومانية وهي طرز مكلفة وغنية وتحتاج إلى مهارة فنية وحرفية عالية فكل طراز يمثل فكرا وحضارة.
عندما اكتسب الحسيني الخبرة التي كان يحتاجها ورأس المال الذي يمكنه من الاستقلال بذاته، فضلا عن فتح مجال الاستثمار للأجانب في السعودية منذ نحو خمس سنوات أسس شركة “محمد أسعد الحسيني للمقاولات” التي كانت من أولى المؤسسات السعودية برأسمال أجنبي 100 بالمئة الناشطة في هذا البلد الإسلامي، واختار اسمه ليكون الاسم التجاري للشركة حتى يحصل بسرعة على الترخيص، وانطلق صاحبنا ليشق طريقه منفردا لتشييد القصور والفلل والمطاعم بطرز معمارية متميزة حسب رغبات الزبائن وإمكانياتهم، ويفخر الحسيني لكون شركته أنجزت مطعما لبنانيا بمدينة جدة السعودية يعد من أفخم المطاعم وأكبرها في الشرق الأوسط، مشددا على أن الحرفية العالية هي رهانهم الأول للنجاح والتميز.
وبعد نجاح أعماله في السعودية أصبح الحسيني يتطلع لتوسيع استثماراته خارج هذا البلد فنصحه أحد رجال الأعمال السعوديين الذي سبق له وأن استثمر بالجزائر أن يشد الرحال إلى الجزائر الذي يتميز بمناخ استثماري جيد، فأخذ الحسيني بهذه النصيحة، وتشارك معهم في مشروع بالجزائر حقق فيه نجاحا مثمرا شجعه لتأسيس شركة “سكن أنفست” ذات رأسمال سوري، سعودي، جزائري التي حصلت على التراخيص اللازمة في 2004، وشرع في إنجاز مشاريع عقارية صغيرة لاكتشاف السوق الجزائرية التي يقول بأن نسبة الربحية فيها أعلى من السعودية ودول الخليج.
الموضوع منقول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق